http://st-takla.org/Pix/People-Celebs/www-St-Takla-org__Saad-Zaghloul-Pasha.jpgفى يوم 9 مارس القادم نحى الذكرى 91 لثورة 1919 تلك الثورة التى نجحت فى ان تضم شرائح متعددة من الشعب المصرى.

فكر الزعيم سعد زغلول في تأليف وفد مصري للدفاع عن قضية مصر سنة 1918م حيث دعا أصحابه للتحدث فيما كان ينبغي عمله للبحث في المسألة المصرية بعد الهدنة “بعد الحرب العالمية الأولى” عام 1918 ، وتم تشكل الوفد المصري الذي ضم سعد زغلول ومصطفى النحاس ومكرم عبيد وعبد العزيز فهمي وعلي شعراوي وأحمد لطفي السيد وآخرين.. وأطلقوا على أنفسهم “الوفد المصري”.

قام الوفد بجمع توقيعات من أصحاب الشأن في كل المدن والقرى والنجوع وذلك بقصد إثبات صفتهم التمثيلية وجاء في الصيغة: “نحن الموقعين على هذا قد أنبنا عنا حضرات: سعد زغلول و.. في أن يسعوا بالطرق السلمية المشروعة حيثما وجدوا للسعي سبيلاً في استقلال مصر تطبيقاً لمبادئ الحرية والعدل التي تنشر رايتها دولة بريطانيا العظمى” ، ثم اعتقل سعد زغلول ونفي إلى جزيرة مالطة بالبحر المتوسط هو ومجموعة من رفاقه في 8 مارس 1919م فانفجرت ثورة 1919م.

http://www.moheet.com/image/39/225-300/390216.jpg

دور الطلبــــــة

أحداث الثورة في اليوم التالي لاعتقال الزعيم سعد زغلول وأعضاء الوفد يوم 9 مارس ، أشعل طلبة جامعة القاهرة شرارة التظاهرات. وفي غضون يومين، امتد نطاق الاحتجاجات ليشمل جميع الطلبة بما فيهم طلبة الأزهر. وبعد أيام قليلة كانت الثورة قد اندلعت في جميع الأنحاء من قرى ومدن.

saad2iq8.jpg

دور العمال والفلاحين

ففي القاهرة قام عمال الترام بإضراب بدء يوم 11 مارس مطالبين بزيادة الأجور وتخفيض ساعات العمل وغيرها ، وتم شل حركة الترام شللا كاملا ، تلا ذلك إضراب عمال عنابر السكك الحديدية يوم 15 مارس ، والذي جاء عقب قيام السلطات البريطانية بإلحاق بعض الجنود للتدريب بورش العنابر في بولاق للحلول محل العمال المصريين في حالة إضرابهم، مما عجّل بقرار العمال بالمشاركة في الأحداث.
ولم يكتف هؤلاء بإعلان الإضراب، بل قاموا بإتلاف محولات حركة القطارات وابتكروا عملية قطع خطوط السكك الحديدية – التي أخذها عنهم الفلاحون وأصبحت أهم أسلحة الثورة واستمر إضراب عمال العنابر حتى أواخر إبريل.

وأضرب سائقو التاكسي وعمال البريد والكهرباء والجمارك ، تلا ذلك إضراب عمال المطابع وعمال الفنارات والورش الحكومية ومصلحة الجمارك بالإسكندرية.كما اضرب المحامون في 2 إبريل وانضم موظفي الحكومة للإضراب في نفس اليوم 2 ابريل.

ولم تتوقف احتجاجات المدن على التظاهرات وإضرابات العمال، بل قام السكان في الأحياء الفقيرة بحفر الخنادق لمواجهة القوات البريطانية وقوات الشرطة، وقامت الجماهير بالاعتداء على بعض المحلات التجارية وممتلكات الأجانب وتدمير مركبات الترام.

في حين قامت جماعات الفلاحين بقطع خطوط السكك الحديدية في قرى ومدن الوجهين القبلي والبحري، ومهاجمة أقسام البوليس في المدن. ففي منيا القمح أغار الفلاحون من القرى المجاورة على مركز الشرطة وأطلقوا سراح المعتقلين ، وفي دمنهور قام الأهالي بالتظاهر وضرب رئيس المدينة بالأحذية وكادوا يقتلونه عندما وجه لهم الإهانات.

وفي الفيوم هاجم البدو القوات البريطانية وقوات الشرطة عندما اعتدت هذه القوات على المتظاهرين. وفي أسيوط قام الأهالي بالهجوم على قسم البوليس والاستيلاء على السلاح، ولم يفلح قصف المدينة بطائراتين في إجبارهم على التراجع ، أما في دير مواس بالقرب من أسيوط، هاجم الفلاحون قطارا للجنود الإنجليز ودارت معارك طاحنة بين الجانبين.

وعندما أرسل الإنجليز سفينة مسلحة إلى أسيوط، هبط مئات الفلاحين إلى النيل مسلحين بالبنادق القديمة للاستيلاء على السفينة. وعلي الجانب الأخر كان رد فعل القوات البريطانية من أفظع أعمال العنف الذي لاقاه المصريون في التاريخ الحديث، فمنذ الأيام الأولى كانت القوات البريطانية هي أول من أوقع الشهداء بين صفوف الطلبة أثناء المظاهرات السلمية في بداية الثورة.

وعقب انتشار قطع خطوط السكك الحديد، أصدرت السلطات بيانات تهدد بإعدام كل من يساهم في ذلك، وبحرق القرى المجاورة للخطوط التي يتم قطعها. وتم تشكيل العديد من المحاكم العسكرية لمحاكمة المشاركين في الثورة. ولم تتردد قوات الأمن في حصد الأرواح بشكل لم يختلف أحيانا عن المذابح، كما حدث في الفيوم عندما تم قتل أربعمائة من البدو في يوم واحد على أيدي القوات البريطانية وقوات الشرطة المصرية. ولم تتردد القوات البريطانية في تنفيذ تهديداتها ضد القرى، كما حدث في قرى العزيزية والبدرشين والشوبك وغيرها، حيث أُحرقت هذه القرى ونُهبت ممتلكات الفلاحين، وتم قتل وجلد الفلاحين واغتصاب عدد من النساء.

هكذا كان الإضراب العام في عام 1919 والذي شل الحياة وحركة النقل بين المدن وكذلك داخل المدن من خلال إضراب (عمال عنابر السكك الحديدية وعمال الترام وسائقي التاكسيات) واستمرارهم في الإضراب وكذلك الموظفين والطلبة. وانضمام الفلاحين للثورة وقطع خطوط السكك الحديدية.

133070737cbd22c04f1kf3.jpg

دور الاقباط

هو الدور الذى انطلق من مبدأ الوحدة الوطنية وشعار «الدين لله والوطن للجميع» أما الحكاية الأولى فيرويها فخرى عبدالنور فى مذكراته وقد كان الرجل رفيق سعد زغلول فى النضال من أجل استقلال الوطن وتحقيق شعار الثورة الاستقلال التام، أو الموت الزؤام وتبدأ الحكاية بالمشاورات التى كان يجريها سعد زغلول مع زملائه لتشكيل وفد، ينوب عن المصريين فى مقابلة المعتمد البريطانى فى مصر، فى نوفمبر 1918، وقد اعتزم سعد زغلول النهوض بعبء المطالبة بحقوق مصر فى مؤتمر السلام فى باريس وكانت النواة الأولى لهذا الوفد تضم سعدا وبعض زملائه من أعضاء الجمعية التشريعية وهم على شعراوى باشا وعبدالعزيز فهمى بك ومحمد محمود باشا وأحمد لطفى السيد بك ومحمد على علوبة بك، وتعددت اجتماعاتهم واتصالاتهم إلى أن تحدد موعدهم لمقابلة السير ونجت المعتمد البريطانى فى الثالث عشر من نوفمبر سنة 1918 وبالفعل تمت المقابلة التاريخية التى كانت الشرارة الأولى للثورة ولما كانت تنقص الهيئة السياسية الجديدة الصفة القانونية فى المطالبة بحق الاستقلال والجلاء، فقد بدأ الوفد يستكتب التوقيعات من مختلف أفراد الشعب، هيئاته وجماعاته بتوكيله فى الدفاع عن القضية المصرية والمطالبة بحرية البلاد واستقلالها وأقبل الشعب على توقيع التوكيل إقبالا منقطع النظير، لا فارق بين مسلم أو مسيحى، وقد اتخذت تلك التوكيلات صيغة واحدة فى جميع أنحاء البلاد وكان نصها «نحن الموقعين على هذا أنبنا حضرات سعد زغلول باشا وعلى شعرواى باشا ومحمد محمود باشا وعبدالعزيز فهمى بك ومحمد على بك وعبداللطيف المكباتى بك وأحمد لطفى السيد بك، ولهم أن يضموا إليهم من يختارون، فى أن يسعوا بالطرق السلمية المشروعة حيثما وجدوا للسعى سبيلا، فى استقلال مصر استقلالا تاما».

وكان رشدى باشا رئيس الوزراء وعدلى يكن باشا وزير المعارف يؤيدان حركة التوقيع على التوكيلات وحينما أراد الجنرال كلايتون مستشار وزارة الداخلية أن يمنعها، لم يقبل رشدى باشا وأصرّ على أن تكون حرّة وبقى يساعد هذه الحركة، هو وعدلى باشا، حتى استقالت الوزارة فى الثانى من ديسمبر سنة 1918 وكان فخرى عبدالنور وشقيقه لبيب عبدالنور بك عضوين فى نادى «رمسيس»، وهو ناد يضم كبار الأقباط وقد زار النادى فخرى عبدالنور فى مساء يوم قابل فيه على شعرواى باشا، وروى للحاضرين فيه ما سمعه من على شعرواى عن الوفد ومقابلة السير ونجت ودار الحديث حول هذه الحركة التى أخذت تثير اهتمام الرأى العام على الرغم من الرقابة والأحكام العرفية وكان الحاضرون من أعيان الأقباط ومثقفيهم ومفكريهم، فلاحظوا أن أسماء أعضاء الوفد التى ذكرت بعرائض التوكيلات التى توزّع فى البلاد، ليس بينها اسم أحد من الأقباط ورأوا أن هذا لا ينبغى أن يكون، وأنه لابد من استكمال هذا النقص، وقرروا انتداب ثلاثة من الحاضرين للذهاب إلى سعد باشا وعرض هذا الموضوع عليه واختير الثلاثة فعلا وكان فخرى عبدالنور أحدهم، أما الآخران فهما الأستاذ ويصا واصف المحامى وعضو الحزب الوطنى وتوفيق أندراوس من أعيان الأقصر وطلب الثلاثة تحديد موعد لمقابلة سعد باشا فى بيت الأمة للتحدث معه فى هذا الأمر وتحدد الموعد بالفعل، فذهبوا للقاء سعد، ورأوا حركة التوقيع بتوكيل الوفد قائمة على قدم وساق وعلم الثلاثة من علوبة باشا أن سعد باشا خرج لحضور اجتماع «مجلس إدارة الجامعة المصرية» وأنه سيحضر بعد قليل، فانتظروا حتى حضر وقابلهم، وكان معه على شعراوى باشا ومحمد محمود باشا وأحمد لطفى السيد بك ومحمد على بك ومحمود أبوالنصر بك من أعضاء الوفد وقد رحّب بهم سعد باشا ترحيبا كبيرا، وأعرب عن اغتباطه بالفكرة التى حضروا من أجلها ودار الحديث حول اختيار عضو أو أكثر من الأقباط فى الوفد وأكد توفيق أندراوس «أن الوطنية ليست حكرا على المسلمين وحدهم» فسرّ سعد باشا وقبّله على هذه الكلمة، وعاد الأستاذ توفيق فأكد أن العنصرين اللذين تتألف منهما الأمة المسلمين والأقباط يعملان بتفكير واحد، ورأى واحد، فيما يحقق مصلحتهما فى الحصول على الاستقلال وأخيرا، أبلغ الثلاثة سعد باشا أن المثقفين والوجهاء من الأقباط انتدبوهم لإبلاغه أن الحائز للصفات المطلوبة لعضوية الوفد، سواء من حيث الثقافة، أو الثروة، أو الجاه، هو الأستاذ واصف بطرس غالى، ثانى أبناء بطرس غالى باشا، فاغتبط سعد باشا لهذا الاختيار، وأعرب عن ثقته وتقديره لعلمه ومكانته.

http://kan-zaman.egypty.com/images/cover.jpg

نهاية الثورة

اضطرت إنجلترا الي عزل الحاكم البريطاني وافرج الإنجليز عن سعد زغلول وزملائه وعادوا من المنفي إلي مصر. وسمحت إنجلترا للوفد المصري برئاسة سعد زغلول بالسفر إلي مؤتمر الصلح في باريس، ليعرض عليه قضية استقلال مصر.لم يستجب أعضاء مؤتمر الصلح بباريس لمطالب الوفد المصري فعاد المصريون إلي الثورة وازداد حماسهم، وقاطع الشعب البضائع الإنجليزية، فألقي الإنجليز القبض علي سعد زغلول مرة أخرى، ونفوه مرة أخرى إلي جزيرة سيشل في المحيط الهندى( سيلان حاليا) فازدادت الثورة اشتعالا، وحاولت إنجلترا القضاء على الثورة بالقوة ولكنها فشلت.

آراء في الثورة

يعتبر الباحثون أن ثورة 19 “ثورة نموذج” من حيث قدرتها على استيعاب القوى الاجتماعية المختلفة وطرحها شعارات التف حولها الناس علي اختلاف مشاربهم وساعدت علي تحقيق الوحدة الوطنية. وقد شقت ثورة 19 مجري الحركة الوطنية المصرية حول ثابتين سيادة الأمة بوجهيها الاستقلال والدستور والوحدة الوطنية بقاعدتيها المواطنة والعدالة الاجتماعية، فقد كان من اسهامات ثورة 1919 في مجال الوحدة الوطنية شعار ” الدين لله والوطن للجميع ” فمعني أن الدين لله والوطن للجميع. حيث لا يستقيم مفهوم المواطنة دون أن تكون مصدر الحقوق والواجبات العامة بصرف النظر عن الدين.

وبحسب مختصين فقد وضعت ثورة 1919 دستورا ديموقراطيا إلى حد كبير وقطعت اشواط على طريق المواطنة، لكن خضوع مصر حينها للاحتلال البريطاني ولسيطرة كبار الرأسماليين والرأسمالية الأجنبية اجهض هذا التطور الديموقراطي.